تمهيد
من يعرفني يعرف أنني من أشد المتحفظين على تسلا وعلى صاحبها إلون مسك. وما دفعني لكتابتة هذه التدوينة نقاش دار مع أحد الأصدقاء وفضلت أن أحتفظ به وأشاركه مع شريحة أوسع. فماذا فعلت تسلا مجددا؟ قبل الدخول في ذلك دعونا نعطي مقدمة.
ريادة الأعمال والنصابين
إن ريادة الأعمال entrepreneurship تقوم على الإبتكار في مجالات جديدة تحفها المخاطر والغموض (وهي خلاف المجالات الراسخة well-established) وذلك من خلال تأسيس شركات ناشئة startups وجلب دورات من التمويل من رؤوس المال المغامرة venture capitals. إن الكثير من الشركات الناشئة تفشل بل أغلبها يفشل لكن القلة التي تنجح تعوض تلك الخسارة وكلما كانت المغامرة أكبر كانت الأرباح أكبر. لي مقالة سابقة عن الشركات الناشئة يمكنك أن تعود إليها.
![]() |
النسخة العربية من إليزابيث هولمز |
إن الكثير من رياديي الأعمال يستغل طمع المستثمرين المغامرين في الابتكارات الجديدة فيعملون لهم "البحر طحينة" للحصول على تمويلات فلكية وكلما كانت "الهبدة" أكبر كلما كان التمويل أكبر.
أحد أشهر تلك القصص هي قصة رائدة الأعمال إليزابيث هولمز Elizabeth Holmes وشركتها ثيرانوس Theranos المتخصصة في تكنولوجيا التحاليل الطبية بالنانو تكنولوجي حيث أعلنت أنها توصلت لاختراع جهاز ثوري اسمه أديسون يقوم بفحص الدم بعينة حجمها أقل من 1 بالألف من عينة الدم بالطرق التقليدية بتقنية النانو ولأن هذا السوق يجني 100 مليار دولار سنويا في الولايات المتحدة وحدها تم ضخ أكثر من 10 مليار دولار استثمارات في الشركة (لأنها إن نجحت في أخذ 10% من الحصة السوقية فإنها ستسترد المبلغ في سنة). هذه الشركة حازت على عدة جوائز مثل شركة العام في مجال العلوم البايولوجية ووقعت شراكات مع كبريات شركات فحص الدم. لكن هذا النعيم لم يدم طويلا إذ سرعان ما اكتشف تحقيق لصحيفة وال-ستريت WSJ أن الفحوصات التي قدموها يعملونها على أجهزة تقليدية أما جهاز أديسون الاختراع فهو لا يعمل ونتائجه لا تختلف عن عمل قرعة. لاحقا تم محاكمتها بالنصب وأفلست الشركة ...إلخ والفلوس تبخرت في الهواء.
قد تبدو بعض الأفكار غريبة أو ربما غبية لكن عند ترجمتها إلى منتج فإنه ينجح. هل يفضل السوق جهاز بطيئ وثقيل ببطارية تكفيه لأسبوع أم يريده خفيف وسريع حتى لو بالكاد بطاريته صمدت يوم واحد؟ ماذا لو كان الهاتف له بكاميرا (من قال أن الناس تهتم بالتصوير؟ التصوير هو للبطاقة الشخصية وبعض الهواة والهواة لهم كاميراتهم الاحترافية ولن يقتنعوا بهذه الكاميرا الضعيفة) ثم بكاميرتين الخلفية جيدة لهواة التصوير والأمامية ضعيفة لعمل مكالمات فيديو (ضعيفة قصدا لأن الإنترنت البطيء لا يحتمل نقل الصور فائقة الجودة) ثم اخترعوا السيلفي وانقلبت الكاميرات. والآن ماذا ب 3 كاميرات أو 4 أو 5 أو من يدري
![]() |
ما بعدش يا جيمي |
في جميع الأحوال هذا الجهاز الذي في الصورة كاميراته فعليا تصور هي ليست دوائر زجاجية لحين معرفة كيف يتم تصنيع الكاميرات وهنا الخط الفاصل بين ريادة الأعمال والنصب والإحتيال.
حاليا هناك موضة الذكاء الصناعي والكثير من الشركات الناشئة أصبحت تحشره في منتوجاتها كي تجلب التمويل من رأس المال المغامر المندفع نحو هذه التقنية. بعضها فعليا لا يملك الحد الأدنى من المعرفة التقنية لعمل أي منتج فيه ذكاء صناعي فيقوم بتعيين جيش من البشر كي يقوموا بتلك المهمة الذكية من وراء الكواليس والتظاهر بأن الآلة هي من حلتها أهم شيء هو أن يأتي التمويل الآن وبعد أن يأتي يحلها ألف حلال.
سوابق تسلا
تسلا كانت سباقة في استعمال هذا الأسلوب الحقير. بل إنه أسلوب مركب من عدة أسالب خبيثة منها
- ليس فقط تبيع قبل أن تصنع pre-order بل قبل أن تتأكد أنها قادرة أن تصنع
- تستخدم أسماء خداعة لمنتجاتها مثل الطيار الآلي autopilot في حين أنها مجرد علامة تجارية (هي ليست ذاتية القيادة وليست من رواد تلك التقنية ولا تزال لحد الآن لا تعرف كيف تصنع تلك التقنية وغيرها فعل ذلك بالفعل)
- استغلت المشاعر الوطنية كي تقنع اﻷمريكان أنها صناعة أمركية ولديها مصنع عملاق mega factory لاحقا لما تأخرت شحنة بطاريا من شركة فيليبس/اليابان تسبب ذلك في حرج مزدوج (حرج التأخير وحرج أنها لا تصنع في أمريكا وليست بطاريات خاصة بتسلا كما كانت تروج إعلاميا)
- صاحب تسلا الون مسك باع نافث لهب مضاد للزومبي بملايين الدولارات (عشرون ألف بندقية).
- صاحب تسلا الون مسك تم تصويره أنه الشخصية الحقيقية التي استلهمت منها شخصية أيرون مان / توني ستارك
نأتي لما تسميه تسلا الطيار الآلي autopilot وهو علامتها التجارية لنظام مثبت السرعة adaptive cruise control ونظام التحكم في المسارب/الحارات lane control.هذا النظام بأحدث إصداراته يقع بين المستوى الاول والثاني أما السيارات ذاتية القيادية فهي في المستوى الخامس.
مثل جميع السيارات في المستوى الأول والثاني (وهي كثيرة بالمناسبة) فإن سيارات تسلا ملزمة من الحكومة إنذار المستخدم إن ترك المقود لأنها ببساطة ليست ذاتية القيادة. لكن الشركة استطاعت أن تقنع محبيها أنها سلوكيات بيروقراطية من حكومات متخلفة لم تواكب التنكنولوجيا لهذا انتشر ما يعرف بحيلة البرتقالة orange trick لإسكات الإنذار. أسلوب التسويق هذا حقير جدا لأنه تسبب بعدد من الحوادث
وللعلم هذا التصنيف ليس شكلي وهناك في السوق سيارات في المستوى الخامس مثل سيارة رينو ذاتية القيادة والتي لا تتطلب انتباه السائق (في الصورة السائق غطى عيونه)
![]() |
Renault self-driving car |
هذه قائمة تبين ترتيب الشركات في 2016 حسب عدد الأميال المقطوعة دون تدخل الإنسان
هذا فيديو لرواد تقنية السيارات ذاتية القيادية
وهكذا تسببت تسلا في حوادث وأحد الحالات تم إدخال الشركة في التحقيق بصفتها خبير لكن تسلا دخلت التحقيق للتلاعب بالأدلة والرأي العام وتم طردها من قبل المحققين الفدراليين والمجلس القومي لسلامة النقل NTBS
آخر حركات تسلا القرعة
قام إلون مسك بإعادة تغريد تغريدة لأحد مستخدمي السيارة قال أنه سار بها للعمل في عز ساعات الزحام دون تدخل معلقا بمزايا التحديث الجديد ومبينا أن هذا التحديث سيعطى مجانا لكل من اشترى خيار "ذاتية القيادة" وأن هذا التحديث يمكن عمله من قبل الورشة المتنقلة.
وبعد ذلك انفجرت المواقع الإخبارية وصفحات المهتمين والمحبين بأن تسلا أصبحت ذاتية القيادة بالكامل بعد هذا التحديث الأخير والذي حمل اسم HW3.
ما هي حقيقة هذا التحديث؟ بحسب خبراء قاموا بفحص التحديث ومقارنته مع السابق
هذا التحديث لا يمس وظائف نظام القيادة
No actual autopilot functionality appears included yet
البرمجية منقولة من الإصدار السابق دون تعديل
with most of the code just copied over from existing HW2.5 infrastructure.
حتى تستوعب ما فعلته تسلا لنتخيل أنني أحضرت سيارة قديمة مثل لادا فاز vaz ووضعت في صندوقها حفنة من الكاميرات والحساسات الليزرية والرادارات ...إلخ. غير متصلة بشيء ولا يوجد برنامج يقرأها على رأي إخوتنا المصريين "كل حاجة فيها سلمية بس لوحدها" وبعتها على أنها تحتوي "كل ما يلزمها لتكون ذاتية القيادة" ولاحقا سيأتي التحديث لجعلها كذلك. مثل قصة جحا الذي سيعلم الحمار القراءة خلال عشرون سنة ويا إما يموت الحمار أو جحا أو السلطان.
هذا التحديث لا يمس وظائف نظام القيادة
No actual autopilot functionality appears included yet
البرمجية منقولة من الإصدار السابق دون تعديل
with most of the code just copied over from existing HW2.5 infrastructure.
حتى تستوعب ما فعلته تسلا لنتخيل أنني أحضرت سيارة قديمة مثل لادا فاز vaz ووضعت في صندوقها حفنة من الكاميرات والحساسات الليزرية والرادارات ...إلخ. غير متصلة بشيء ولا يوجد برنامج يقرأها على رأي إخوتنا المصريين "كل حاجة فيها سلمية بس لوحدها" وبعتها على أنها تحتوي "كل ما يلزمها لتكون ذاتية القيادة" ولاحقا سيأتي التحديث لجعلها كذلك. مثل قصة جحا الذي سيعلم الحمار القراءة خلال عشرون سنة ويا إما يموت الحمار أو جحا أو السلطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق