لماذا هذه المقالة ؟
البعض (مثل الدكتور عمرو شريف) أخذ ينادي بتبني المشايخ لنظرية التطور بطريقة اسلامية وهذا مخيف لسببين الأول أنه سيأتي يوم يشاع أن نظرية التطور هي من الإعجاز العلمي في القرآن متأولين الآية "وقد خلقكم أطوارا" ثم يستسلم العالم الغربي لكل الحقائق الدالة على بطلانها (انظر ما سيأتي لاحقا في هذا المقال) ويأتون بنظرية مختلفة فيصبح الدعاة في موقف محرج. الأمر الآخر هو أن الإعجاز العلمي يأتي قبل اكتشاف الأمر وليس بعده (وإلا لا يعد إعجازا) فيفقد موضوع الإعجاز العلمي بريقه ويصبح مدعاة للخجل.
كيف يكون الإعجاز العلمي ؟
الإعجاز العلمي هو أن تأتي بآية وبفهم الصحابة لها (بمى روي في الكتب القديمة) وبالمعاني العربية للكلمات الموجودة فيها وتوافق تلك الآية حقائق علمية (مشاهدات وظواهر) ما كنا لندركها من قبل وهي تخالف ما كان يظنه علماء الطبيعة من قبل هذا التطور. ومن أشهر الأمثلة أن نموذج نيوتن للكون كان يسمى الكرة الساكنة حيث هو يتخيل الكون على شكل كرة كبيرة ساكنة (بمعنى لو كان هناك عدد من النجوم المبتعدة فإن هناك نجوم أخرى مقتربة منا وبالمحصلة الكرة كلها ساكنة) وظل هذا الاعتقاد سائدا إلى أن قام العلماء بتجربة تبين فيها أن ضوء النجوم ينزاح نحو الأحمر redshift فيما يعرف بتأثير دبلر Doppler effect أي أن النجوم في المحصلة مبتعدة وكيف لها كلها أن تكون مبتعدة فجاء نموذج البالون المنقط للعالم أينشتاين الذي فسر ذلك بأن الكون يتوسع كما لو كان عندنا بالون منقط وكنا نراقب من أحد النقاط أثناء نفخ البالون فإن كل النقاط الأخرى ستكون مبتعدة (أي ينزاح ضوؤها نحو الأحمر) ولاحقا سيبدأ الكون بالتقلص بفعل الجاذبية ليعود نقطة أولية كما بدأ (وبدايته هذه تعرف بالإنفجار الأعظم). تم عمل دراسات لاحقة قاست تركيز الأشعة الموازية لمحور الأرض والعامودية عليها (والتي يفترض أن تكون متساوية لو كان الكون كرة أو مثل البالون) ليتبين أن الكون شبه مسطح وأشبح بلفافة الورق التي تمتد. بعد كل هذا نقرأ الآيات:
- وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ -- الذاريات 47
- أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ -- الأنبياء 30
- يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ -- الأنبياء 104
إن الآيات واضحة لكل من يعرف اللغة العربية. وإن معنى الإنفجار الأعظم روته كل التفاسير المقبولة القديمة (مثل الطبري والبغوي وابن كثير) أقتبس من تفسير ابن كثير
أي: كان الجميع متصلا بعضه ببعض متلاصق متراكم، بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه. فجعل السموات سبعًا، والأرض سبعًا، وفصل بين سماء الدنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض؛ ولهذا قال: { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ } أي: وهم يشاهدون المخلوقات تحدث شيئًا فشيئًا عيانًا، وذلك دليل على وجود الصانع الفاعل المختار القادر على ما يشاء: فَفِي كُلّ شيء لَهُ آيَة ... تَدُلّ علَى أنَّه وَاحد ... ... وقال سعيد بن جبير: بل كانت السماء والأرض ملتزقتين، فلما رفع السماء وأبرز منها الأرض، كان ذلك فتقهما الذي ذكر الله في كتابه. وقال الحسن، وقتادة، كانتا جميعًا، ففصل بينهما بهذا الهواء.
علما أن الكتب هنا تعني scrolls وليس المجلدات.
وهنا نلاحظ عدة أمور أن نيوتن ومن بعده أينشتاين كانا يظنان الكون كرويا وهو شبه مسطح. ونلاحظ أنه كان يظن أن الكون لا يتوسع ولم يكن متحدا على شكل نواة أولية أو رتق وكذلك سيعود.
أين نظرية التطور من كل ذلك ؟
نظرية التطور تقوم على 4 مراحل هي
- أصل الحياة Abiogenesis - وهو أن المواد الحيوية (العضوية) المعقدة نتجت (عشوائيا) من مواد غير عضوية بسيطة بالضغط والحرارة والصواعق ...
- التطور المجهري Micro evolution - أي الحاصل في الكائنات المجهرية كالبكتيريا
- التطور الجاهري Macro Evolution - أي الحاصل في الحيوانات
- السلف المشترك Common descent - أي أن كائنات جديدة تنتج من سلف مشترك وأن كل الكائنات الموجودة الآن لها سلف مشترك
فإن كان بعض هذه النقاط مثبت (مثل التطور المجهري حيث مثلا نشاهد البكتيريا تكتسب مناعة) فإن بعضها الآخر غير مثبت وبعضها الآخر مجرد فرض لا يمكن لا إثباته ولا دحضه.
- أصل الحياة Abiogenesis - فرضية غير مكتملة لا يمكن فحصها ولا دحضها ولا إثباتها
- المجهري Micro evolution - نظرية راسخة يمكن فحصها ويمكن دحضها ويمكن إثباتها.
- الجاهري - نظرية لكنها ركيكة وغير راسخة لكن يمكن فحصها ودحضها وإثباتها
- السلف المشترك - مجرد ضرب من التخمين غير قابل للفحص ولا الإثبات ولا الدحض
ما معنى قابل للدحض falsifiable ؟
عندما يتقدم أي شخص بنظرية عليه أن يعطينا طريقة تفنيدها مثلا إن قلنا بأن النبات يحصل على الطاقة من البناء الضوئي فإن أردت تفنيد هذا القول فعليك أن تحضر نبتة وتحرمها من الضوء وتظل حية. فإن زعمت أن الرقم 988027 عدد أولي من يريد تفنيد هذا الرأي فليأتي بعدد صحيح يقسمه دون باق (زعمي هذا باطل والعدد هو 991). من لا يقدم طريقة للتفنيد فإنه مجرد انسان متعصب. وهذا المنهج العلمي موجود في القرآن مثلا في قصة النمرود عندما قال له إبراهيم "فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ" كذلك "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً" من يريد تفنيد القرآن فليجد فيه اختلافا.
والسؤال الموجه إلى دعاة التطور الداروني ما هو الشيء الذي يجب أن نحضره لكم حتى نفند نظريتكم في السلف المشترك ؟
سوء الممارسة العلمية Scientific misconduct
هناك أمثلة كثيرة على سوء الممارسة العلمية في هذا المجال مثلا أحفورة الطائر الاول Archaeopteryx الكثير منها ثبت تزيفه (يشار لها بالاسم Archaeoraptor)
صورة الأجنة الموجودة في أغلب الكتب الجامعية هي مجرد رسم يدوي مشوه عمدا من قبل Ernst Haeckel عام 1860 وقد أدانته الجامعة بفعلته هذه ومع ذلك لا تزال نفس الصورة تعرض كدليل على التطور.
هل نحن مع نظرية الخلق ؟
طبعا لا. نظرية الخلق (التي تقول أن الكون خلق دفعة واحدة) المتداولة لا تحقق هي الأخرى النظرة الإسلامية. فنحن نعلم أن النباتات خلقت قبل الحيوانات (حديث في صحبح مسلم) بل إن ابن عباس قال أنه يوم القيامة سيبعث الله دواب لهم أشكال البشر وما هم من البشر أقتبس من تفسير ابن كثير (في سورة النبأ)
الثالث: أنهم خَلق من خلق الله، على صُور بني آدم، وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون. قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح والأعمش.
فوجود كائنات تشبه الإنسان لا يعني بحال من الأحوال أنها أسلافه
صورة الأجنة الموجودة في أغلب الكتب الجامعية هي مجرد رسم يدوي مشوه عمدا من قبل Ernst Haeckel عام 1860 وقد أدانته الجامعة بفعلته هذه ومع ذلك لا تزال نفس الصورة تعرض كدليل على التطور.
هل نحن مع نظرية الخلق ؟
طبعا لا. نظرية الخلق (التي تقول أن الكون خلق دفعة واحدة) المتداولة لا تحقق هي الأخرى النظرة الإسلامية. فنحن نعلم أن النباتات خلقت قبل الحيوانات (حديث في صحبح مسلم) بل إن ابن عباس قال أنه يوم القيامة سيبعث الله دواب لهم أشكال البشر وما هم من البشر أقتبس من تفسير ابن كثير (في سورة النبأ)
الثالث: أنهم خَلق من خلق الله، على صُور بني آدم، وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون. قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح والأعمش.
فوجود كائنات تشبه الإنسان لا يعني بحال من الأحوال أنها أسلافه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق